التدهور الأمني في تعز: اغتيالات، صراعات نفوذ، وتمدد الفوضى..
الموجز-خاص-مشير المشرعي
تعيش مدينة تعز منذ سنوات على وقع انفلات أمني متصاعد تجلّى في اغتيالات، واشتباكات بين مجاميع مسلحة، وقطع طرق، وسط اتهامات متبادلة بين قوى عسكرية ومحلية بتغذية الفوضى وحماية المطلوبين، ما جعل المدينة ساحة صراع نفوذ وأرضًا رخوة لتنامي أعمال «البلطجة» والجرائم المنظمة والاغتيالات التي عادت إلى الواجهة بحدة بعد مقتل المسؤولة المحلية أفتهان المشهري يوم 17 سبتمبر 2025 في وضح النهار داخل المدينة.
موجة اغتيالات جديدة
أعادت جريمة اغتيال أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، مشهد الاغتيالات إلى الواجهة، إذ فتح مسلحون النار على سيارتها قبل أن يلوذوا بالفرار، في جريمة أدانتها أصوات مدنية ودعت إلى تحقيق عاجل وحماية العاملات في الشأن العام في بيئة يطبعها الإفلات من العقاب.
توقيت العملية ومكانها داخل المدينة يعكسان جرأة القتلة وثقتهم بضعف الردع، ما يعزز الحاجة إلى مسار تحقيق مهني وإعلان نتائج واضحة وإجراءات وقائية سريعة
مثل اغتيال أفتهان المشهري سابقة صادمة في تاريخ المدينة، إذ لم تشهد تعز خلال سنوات الفوضى المنصرمة حادثة اغتيال لمسؤولة مدنية بهذه الصورة العلنية، ما يرفع مستوى الخطر على النساء العاملات في القطاع العام ويكشف جرأة منفذي الجرائم في ظل ضعف الردع القانوني.
وتزداد فداحة الجريمة مع ما سبقها من واقعة اقتحام لصندوق النظافة والتحسين قبل نحو شهر، إذ قام جندي ينتسب إلى الجيش الوطني يُدعى محمد صادق المخلافي، باقتحام مقر الصندوق وإطلاق النار على الموظفين وتهديد المشهري بالقتل بعد رفضها دفع جبايات كان يفرضها على الصندوق، بما يعكس تشابك الانفلات الأمني مع جبايات غير قانونية وابتزاز مباشر لمؤسسة خدمية حساسة.
هذا التسلسل، من التهديد العلني إلى تنفيذ الاغتيال لاحقًا، يضع الأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية أمام اختبار شفاف للمساءلة العاجلة، عبر إعلان نتائج تحقيق مهني يحدد المسؤوليات الفردية والمؤسسية ويمنع إفلات أي متورط ذي صلة وظيفية أو حمائية، بما في ذلك شبكات النفوذ التي تسمح بتحويل أفراد محسوبين على وحدات عسكرية إلى أدوات ابتزاز وبلطجة.
صراعات نفوذ متشابكة
تؤكد تقارير ميدانية أن تعز تعاني من صراع نفوذ بين تشكيلات وفصائل محسوبة على وحدات في الجيش والسلطة المحلية، مع اتهامات لقيادات بارزة برعاية مجاميع مسلحة واستخدامها في تصفية حسابات داخلية، بينما تدير السلطات جبايات متقاطعة وتغيب المعالجات المؤسسية المستدامة للأمن.
هذا التشابك جعل الاشتباكات بين فصائل بعينها مشهدًا متكررًا في قلب المدينة، كما في مواجهات «غزوان المخلافي» و«عادل عبده فارع (أبو العباس)» التي أوقعت قتلى مدنيين وأغلقت أسواقًا وشوارع في لحظات، مثبتة كيف تتحول الخلافات المحدودة إلى تهديد واسع للسكينة العامة.
أسماء بارزة في بؤرة التوتر
غزوان المخلافي: اسم متكرر في تقارير الفتنة الأمنية، ودخل في اشتباكات كر وفر مع مسلحين يتبعون «أبو العباس»، الى ان المخلافي كان مدعوم من القائد العسكري صادق سرحان الذي مد غزوان بالسلاح والمقاتلين في اشتباكته مع قوات ابو العباس وهوا مادفع بالاخير الى الانسحاب من مدينه تعز وسحب قواته بعد وساطه الرئيس هادي .
عبدالرحمن ردمان الظليمي “غدر”: ورد ضمن قائمة رسمية لشرطة تعز بالمطلوبين أمنيًا المنشورة في أغسطس 2020 المرتبطة بأعمال فوضى، وتكرر ذكره ضمن سياق مواجهات محلية مع مجاميع أخرى مطلوبة.
أيمن عبدالله حسن “الدامبي”: أدرجته الشرطة ضمن قائمة المطلوبين مع شقيقه رأفت عبدالله حسن، على خلفية قضايا جنائية وإخلال بالأمن العام في المدينة.
أكرم محمد سعيد الشعبي “أكرم شعلان”: ظهر اسمه ضمن القائمة ذاتها للمطلوبين الأمنيين، مع الإشارة إلى نية نشر قوائم إضافية لاحقًا بحسب الإعلام الأمني.
رأفت عبدالله حسن: ذُكر ضمن قوائم الشرطة للمطلوبين أمنيًا إلى جانب شقيقه، في سياق حملات ملاحقة عناصر متهمة بأعمال عنف وفوضى.
عيسى الشرعبي: أُدرج اسمه في قائمة المطلوبين التي نشرتها شرطة تعز عام 2020، ضمن مجموعة متهمة بجرائم قتل وإخلال بالأمن.
عمر سيف البشيري: ورد ضمن قائمة المطلوبين التي أعلنتها شرطة تعز، مع تأكيد استمرار الملاحقات الأمنية لتفكيك تلك المجاميع.
سمير الشرعبي: شملته قائمة المطلوبين السبعة المنشورة رسميًا، مع دعوة الشرطة للتعاون بالإبلاغ عن أماكن تواجدهم.
مجاميع مسلحة «محسوبة» على وحدات في الجيش الوطني: أشارت بيانات أمنية وإفادات سكان إلى تورط أفراد منفلتين محسوبين على هذه الوحدات في قطع طرق وإقلاق السكينة وعمليات قتل خارج القانون ضمن صراع نفوذ داخلي.
تتهم مصادر سياسية وإعلامية قيادات نافذة بحماية بعض العناصر المطلوبة أو التغطية على تحركاتها ضمن تنافس على القرار الأمني، فيما تطالب الشرطة بضبط المنفلتين من منتسبي الألوية وتحميل القيادات مسؤولية التسليم والعقوبة.
بلطجة وجبايات وفوضى يومية
لا يكاد يمر يوم دون حوادث إطلاق نار أو اشتباكات أو سطو مسلح على محلات تجارية، ما دفع تجارًا إلى الإضراب احتجاجًا على الاعتداءات، بينما تعترف شرطة تعز بوجود قصور بنيوي مرده تراكمات الحرب وانهيار مؤسسات الدولة وضعف الإمكانيات وغياب تفعيل اللجنة الأمنية العليا بقيادة المحافظ.
تكررت حوادث إغلاق الشوارع وإيقاف الحركة التجارية في مناطق مركزية مثل شارع جمال وبيرباشا، مع انتشار مسلح واسع ثم حملات أمنية لفتح الطرق وملاحقة المتورطين، لكنها تبقى إجراءات مؤقتة لا تحل جذور المشكلة المتعلقة بتعدد مراكز القوة والسلاح.
الموقف الحكومي والإجراءات الأمنية
أصدرت الحكومة أوامر متكررة بوضع حد للفوضى وتقديم المتورطين للمحاكمة، فيما دعا نواب إلى لجنة محايدة للتحقيق بملفات الانفلات، غير أن أثر هذه التوجيهات بقي محدودًا ميدانيًا دون تغيير جذري في بنية القيادة الأمنية والعسكرية المحلية أو توحيد القرار الأمني.
على الأرض، لجأت الأجهزة إلى حملات ظرفية شملت حظرًا ليليًا للدراجات النارية وانتشارًا موسعًا في الأحياء الساخنة بعد عمليات قتل وقطع طرق، ما ساهم في تهدئة مؤقتة لكنه لم يعالج ديمومة التحديات المتعلقة بنفوذ الفصائل وتعدد مصادر الجباية والسلاح.
الأسباب البنيوية للانفلات
تشير رواية شرطة تعز إلى تراكمات منذ نشأة المقاومة وانهيار مؤسسات الدولة وإعادة بنائها من الصفر، وغياب تفعيل اللجنة الأمنية بقيادة المحافظ، وتحمّل الشرطة أعباء تفوق قدراتها في ظل حصار ووضع اقتصادي خانق، بما يحد من كفاءة الاستجابة ومنع الجريمة قبل وقوعها.
ويرى صحفيون ومراقبون أن جزءًا من المشكلة يعود إلى القيادات الأمنية والعسكرية الحالية في المحافظة، وإلى مركزية قرار متردد لم يعالج ملفات التغيير وإعادة الهيكلة، ما جعل المؤسسات هشة أمام نفوذ الجماعات المسلحة المتنازعة.
خرائط الاشتعال داخل المدينة
تكررت الاشتباكات والانتشارات في مناطق مركزية مثل شارع جمال قرب فندق «ديلوكس»، وبيرباشا ومحيط نادي الصقر ودوّار المرور، وهي نقاط حيوية تربك الحياة اليومية عند كل جولة مسلحة، وتشير إلى أن مسارح الصراع ليست هامشية بل تمس قلب المدينة التجاري والمدني.
تسببت هذه الجولات في سقوط مدنيين، بينهم أطفال ونساء في بعض التفجيرات، وإغلاق لمحلات وحركة الشوارع، في نمط يُظهر أن المواجهات المسلحة أصبحت قادرة على تعطيل الشريان الاقتصادي والاجتماعي لتَعِز خلال ساعات قليلة.
حماية المطلوبين وشبكات النفوذ
تتداول الأوساط المحلية اتهامات صريحة لقيادات حزبية وعسكرية بحماية عناصر منفلتة أو تقييد يد الأجهزة عن ضبطها، مقابل استخدام تلك العناصر في معادلات النفوذ، ما يخلق دائرة إفلات من العقاب تعيد إنتاج الفوضى وتضعف الثقة بالمنظومة الأمنية والقضائية.
تطالب بيانات الشرطة قيادة المحور والألوية بضبط المنفلتين من منتسبيها وتسليمهم للعقوبة الرادعة، لكن الاستجابة تنتكس مع كل جولة تجاذب جديدة، ما يعيد المشهد إلى نقطة البداية في غياب آلية تنفيذية صارمة ومحمية سياسيًا.
الألعاب النارية تزين سماء المهرة احتفالا بتحرير وادي حضرموت
الموجز – متابعات زينت الألعاب النارية سماء محافظة المهرة، مساء يوم الأربعاء، حيث أضاءت مدي…





