حضرموت بين ازدواجية الحلف والجامع .. الطريق نحو توحيد الرؤية لتجنب الانقسام الداخلي
ماهر باوزير
حضرموت تمر بفترة مصيرية، تبدو في ظاهرها بداية جديدة، لكنها تخفي خلفها تحديات أكبر مما يظهر على السطح. المؤشرات الحالية تُظهر أن القيادة الحضرمية تواجه أزمة في وضوح الرؤية، خاصة مع الازدواجية القائمة بين دور “الحلف” و”الجامع”، حيث يتم التنقل بينهما وفق ما تقتضيه المصالح. هذه الإدارة المزدوجة تفتح الباب أمام مخاطر أكبر إذا لم يتم توحيد الجهود لتجنب الصدام الداخلي. حضرموت، بتاريخها ومكانتها، تتسع للجميع، ولكن نهوضها لن يتحقق إلا بتكاتف كل أبنائها تحت رؤية موحدة.
من الواضح أن الحلف والجامع يُداران اليوم من قبل شخصية واحدة، تتحرك بينهما بحرية، متخذة قرارات وفق ما تستدعيه المصلحة الذاتية أو السياسية في لحظة معينة. هذه الازدواجية تضعف أي جهد لإيجاد رؤية موحدة لحضرموت، لأنها تخلق حالة من الفوضى في اتخاذ القرار. عندما يتم استخدام الجامع كمظلة سياسية في لحظة معينة، والحلف كقوة قبلية في لحظة أخرى، يتم إضعاف كلا المكونين وتضييع الهدف الأسمى الذي ينبغي أن يكون وحدة الصف الحضارمي.
التاريخ يعلمنا أن الانقسامات الداخلية لم تؤدِ إلا إلى ضعف حضرموت وجعلها عرضة للتدخلات الخارجية. ما نراه اليوم من ازدواجية في إدارة الحلف والجامع يعيد إنتاج نفس السيناريوهات التي عرقلت نهوض حضرموت في الماضي. هذه التجربة أثبتت فشلها، وهي في طريقها لتكرار نفس الأخطاء إذا لم يتم تداركها. الحاجة ملحة اليوم لفصل الأدوار بوضوح، وتوحيد القيادة تحت رؤية تضمن مصالح حضرموت وليس مصالح أفراد.
تواجه حضرموت تحديات كبيرة في ظل الوضع الإقليمي المتوتر والصراع الدائر في اليمن. التدخلات الخارجية في الشأن الحضارمي لن تكون إلا فرصة للأطراف الخارجية لاستغلال حالة الضعف الناتجة عن الانقسامات الداخلية. ازدواجية إدارة الحلف والجامع تزيد من هذا الضعف، وتمنع حضرموت من الوقوف موقفًا قويًا أمام تلك التدخلات. حضرموت بحاجة إلى قيادة موحدة لمواجهة التحديات الخارجية والحفاظ على استقلالية قرارها السياسي.
بدلاً من التناوب بين الحلف والجامع وفق ما تمليه الظروف، يجب العمل على توحيد الرؤية والأدوار. الحلف يمكن أن يكون قوة مجتمعية تقف خلف المصالح القبلية، بينما الجامع يمكن أن يكون المكون السياسي الذي يمثل الحضارمة في القضايا الوطنية. هذه الأدوار المكملة، إذا تم فصلها بوضوح، ستسمح لحضرموت بالتحرك نحو مستقبل أكثر استقراراً وقوة. الهدف يجب أن يكون توحيد الصف الداخلي تحت قيادة تعمل لمصلحة الجميع، وليس لخدمة مصالح فردية.
في ظل الوضع الراهن، الصدام الحضرمي الحضرمي سيكون كارثة على الجميع. الخلافات القائمة بسبب الازدواجية في إدارة الحلف والجامع تهدد استقرار المحافظة وتعيق تطورها. يجب على القيادات الحضرمية أن تفكر بعقلانية وتضع نصب أعينها مصلحة حضرموت أولاً وأخيراً. حضرموت تتسع لجميع أبنائها، ولا يمكنها أن تنهض إلا إذا توحد الجميع تحت رؤية مشتركة، بعيداً عن الانقسامات والتنافسات الشخصية.
يجب الدعوة إلى حوار حضرمي شامل يضم كافة الأطراف الفاعلة من الحلف والجامع والمجتمع المدني. من خلال هذا الحوار، يمكن وضع إطار عمل واضح لتنظيم الأدوار ومنع التداخل بين المكونين.
يجب تأسيس لجان مشتركة تشرف على تفعيل الاتفاقيات وتنفيذ مخرجات الحوار، مع ضمان تمثيل عادل لكافة الأطراف.
تعزيز الوعي الشعبي حول أهمية الوحدة الداخلية عبر حملات توعية وتثقيف تشرف عليها النخب الحضرمية المثقفة.
حضرموت تقف اليوم في مفترق طرق، بين النجاح أو الانزلاق في صراعات داخلية لا تخدم إلا الأجندات الخارجية. إذا استمر الوضع الحالي، حيث تدار الحلف والجامع بعقلية واحدة تُعطي الأولوية للمصالح الشخصية، فإن مستقبل حضرموت سيكون مهدداً. الحل الوحيد هو توحيد الجهود وتجاوز الانقسامات، حتى تتحقق مصالح حضرموت ككل. حضرموت تتسع للجميع، ولا يمكنها أن تنهض إلا بوحدة جميع أبنائها تحت مظلة واحدة تسعى لتحقيق الخير العام.
من خلف الخيمة
قلناها لكل من ظننا ان بهم حكمة تجعلهم يتقبلون النقد و دفعنا الثمن ، ونقولها اليوم للأخوة ف…