الرمز قبل الإعلان

الموجز – أ .ماهر باوزير

لا يمكن قراءة توجيهات رفع العلم الجنوبي وصورة الرئيس عيدروس الزُبيدي على مرافق ومؤسسات الدولة كإجراء إداري عابر بل كخطوة سياسية محسوبة ضمن مسار إعادة تشكيل السلطة والشرعية في الجنوب ففرض الرمز في الفضاء العام يُعد أحد أهم أدوات تثبيت النفوذ في المراحل الانتقالية .

في السياقات الهشّة تُقاس السلطة بقدرتها على فرض مرجعياتها الرمزية قبل أي إعلان سياسي صريح وعليه فإن هذه الخطوة تعكس سعياً لتكريس هوية سياسية واحدة للمؤسسات وإنهاء حالة الالتباس التي طبعت مرحلة تعدد المرجعيات والشراكات الشكلية .

الرسالة مزدوجة داخلياً تطبيع المشهد الجديد في الوعي العام وجعله واقعاً مألوفاً وخارجياً الإيحاء بوجود سلطة قادرة على ضبط المجال العام وفرض رموزها الرمز هنا ليس شكلاً بل أداة سيادية تمهّد لواقع سياسي يُراد له أن يسبق الإعلان الرسمي .

في المحصلة ما يجري هو ممارسة واعية لسياسة “فرض الأمر الواقع” بالرمز وبروفة دولة تُدار بصرياً ونفسياً قبل اكتمال نصها السياسي في مشهد يمني اعتادت فيه التحولات أن تبدأ بالإشارة قبل التصريح .