وجوب اعتماد الحكومة خطة اقتصادية شاملة بعيدا عن العشوائية والتخبط (2-2)
عدم توريد بعض المحافظات إلى مركزي عدن تحد كبير للإصلاحات الاقتصادية
*د. وليد أحمد العطاس
أوضح أخر تقرير تم نشره للتطورات النقدية والمالية الصادر عن البنك المركزي في شهر يونيو 2025، تسجيل زيادة في العرض النقدي M1 والذي يتكون من النقد المتداول والودائع تحت الطلب إلى أكثر من 4672 مليار في السنوات الأخيرة. وهذا الرقم متذبذب بشكل كبير مما يدل على عدم استقرار السيولة. بينما ظهر العرض النقدي M2 (ودائع لأجل والادخارية وغيرها) ممثلاً أكثر من 40-60% من العرض النقدي ما يمثل ضعف في نموه خلال بعض السنوات، مما يدل على تراجع ثقة المودعين في الاحتفاظ بأموالهم مجمدة وتفضيلهم للسيولة السريعة. أما ما يتعلق بالودائع بالعملات الأجنبية فارتفعت من أقل من تريليون إلى ما يزيد عن 11 تريليون. ما تقدم يبرز مصطلح دولرة الاقتصاد(Dollarization) بمعنى ميل الأفراد والشركات للاحتفاظ بمدخراتهم بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى بدلا من العملة المحلية بسبب التضخم وفقدان الثقة في الريال اليمني.
النقد المتداول خارج البنوك تضاعف من 1500 مليار إلى أكثر من 3300 مليار، وهذا يدل على أن جزء كبير من السيولة النقدية يحتفظ بها خارج الجهاز المصرفي، كالمنازل ولدى التجار ولدى المتعاملين في السوق السوداء نتيجة عدم الثقة في النظام المصرفي.
زيادة العرض النقدي بهذا الكم الكبير في ظل غياب نمو موازي في الإنتاج الحقيقي يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار حتى أصبح التاجر ملزما بتوريد قيمة وارداته الخارجية بالعملة المحلية في البنوك حتى تتم الموافقة عليها من قبل لجنة تمويل الاستيراد، مالم لن يتم السماح بدخول بضاعته عبر المنافذ.. لضمان عدم قيام التجار بالمضاربة على سعر صرف العملات الأجنبية من أجل تغطية احتياجهم من العملات الصعبة.
لجأ البنك المركزي مؤخرا لفرض سعر صرف للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، دون أي معالجات حقيقية اعتمادا على التلويح بعقوبات للمخالفين مسنودا بدعم الخزانة الأمريكية. مما يعني أن أي هزة في سوق الصرف ستنعكس مباشرة على الاستقرار الاقتصادي. كما أن التذبذب الحاد في معدلات النمو السنوي للنقد مابين 40% ثم 0% ثم 9% يشير إلى تخبط البنك المركزي وتعامله بأسلوب رد الفعل بدلا عن التخطيط المسبق.
لابد أن تكون الخطة الاقتصادية شاملة ومراعية لجميع الجوانب الإيجابية والسلبية بحيث لا تؤثر على حياة المواطن خصوصا بعد توقف حملات التفتيش على المحلات التجارية من قبل الأجهزة الرقابية في الفترة الأخيرة، وعودة ارتفاع أسعار السلع والخدمات. والإجماع على أن الانخفاض في الأسعار لا يتناسب مع تراجع سعر صرف العملات الأجنبية حتى أصبح البعض يتمنى عودة سعر الصرف إلى وضعه السابق.
وعليه يجب أن تكون الخطة الاقتصادية واضحة المعالم، لبث الاطمئنان في السوق وحتى يستمر صبر المواطن على هذا الوضع وإلا فالآثار قد لا تحمد عقباها مع استمرار الغموض في قرارات الحكومة والبنك المركزي فيما يخص المعالجات الطارئة، وإصرار الحكومة والبنك المركزي على توريد جميع الإيرادات العامة للدولة في البنك المركزي بعدن، مع استمرار تعنت بعض المحافظات من تنفيذ القرار، ما يجعل الوضع أكثر صعوبة بغية تحقيق تحسن دائم في الاقتصاد وليس مجرد قرارات تنفذ بالقوة وليس من خلال معالجات اقتصادية حقيقية، قد تكون انتكاسته كارثية لا قدر الله أكبر مما قبل.
*أستاذ العلوم المالية والمصرفية المشارك بجامعة حضرموت
الزبيدي يرسم ملامح الجنوب الجديد: من منطق الثورة إلى مشروع الدولة
الموجز-خاص-كتبه: محمد عبدالله بامصلح في خطابٍ اعتُبر من أكثر خطاباته نضجًا ووضوحًا، قدّم ا…



