الحوثيون وهدنة غزة: تكتيك التصعيد لإنتاج “نصر إعلامي”
الموجز-خاص
بقلم: مشير المشرعي
مع كل اقتراب لوقف إطلاق النار في غزة، تتكرر الظاهرة ذاتها: تصعيد حوثي مفاجئ، سواء عبر استهداف سفن في البحر الأحمر أو إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، يعقبه إعلان من صنعاء بأنّ “المقاومة” اليمنية أجبرت العدو على القبول بالهدنة. هذه ليست مجرد مصادفة سياسية، بل نمط ممنهج له جذور أعمق في الديناميكيات الإقليمية والدعاية العسكرية التي تتقنها الجماعة.
قوة الهجوم في خدمة الرأي العام
قبل أي إعلان رسمي عن الهدنة، يحرص الحوثيون على تنفيذ عمليات هجومية تلفت الانتباه وتبعث برسائل ميدانية بأنهم طرف فاعل في معادلة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، رغم البعد الجغرافي. استهداف السفن وتهديد الملاحة يتم غالباً في ذروة المحادثات، بما يعكس رغبة الحوثيين في تثبيت أنفسهم كلاعب لا يمكن تجاهله في أي تسوية قادمة.
“فرض الهدنة بالقوة”: دعاية ما بعد الحدث
ما إن يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار، حتى يبدأ الإعلام الحوثي سردية مكررة: لقد أجبرنا العدو على التراجع. لا يتم تقديم هذا “الانتصار” كنتيجة لتفاهمات سياسية أو ضغوط دولية، بل كحصيلة مباشرة للهجمات التي نُفّذت قبل أيام. هذا النوع من الدعاية لا يهدف فقط إلى دعم الجبهة الداخلية، بل إلى إعادة إنتاج صورة الحوثي كـ”قائد محور المقاومة” في الوعي الشعبي.
إيران: الحاضر الغائب
من خلف الكواليس، يبدو أن طهران تدير توقيتات التصعيد الحوثي بعناية. تشير تقارير استخبارية وتحليلات سياسية إلى أن التصعيد أو التهدئة يرتبطان بشكل وثيق بمصالح إيران، سواء في مفاوضات الملف النووي أو في سياق الضغط الإقليمي على الولايات المتحدة وإسرائيل. الحوثي في هذا السياق ليس سوى أداة تكتيكية في يد المشروع الإيراني الأوسع.
دورة محسوبة: تصعيد فدعاية فتهدئة
إذا تأملنا في النمط الزمني للهجمات، نجد دورة متكررة:
قرب مفاوضات الهدنة: يتم تكثيف العمليات البحرية والصاروخية.
عند إعلان الهدنة: تنشط الآلة الدعائية لتسويق “النصر”.
في حال فشل الهدنة: استئناف التصعيد مع خطاب تعبوي مضاعف.
هذه الدورة تضمن للحوثيين الظهور بمظهر الطرف المؤثر دائمًا، دون تحمّل تبعات حقيقية، بفضل المسافة الجغرافية وتوازن الردع غير المباشر.
الأهداف المتعددة للتصعيد المحسوب
- داخل اليمن: يدعم هذا السلوك سردية الحوثي كمدافع عن الأمة، مما يعزز قبضته على الشارع.
- إقليميًا: يسمح له بلعب دور داخل محور المقاومة، إلى جانب حزب الله وإيران.
- دوليًا: يُستخدم كأداة اختبار للردود الأمريكية والغربية، خاصة في ظل التردد المتكرر في الرد المباشر.
أمثلة حية من الواقع
في 6 يوليو 2025، شن الحوثيون هجومًا على السفينة “Magic Seas” في البحر الأحمر، قبل أي حديث رسمي عن هدنة. وبعدها بساعات، صدرت تصريحات من قادة الجماعة تقول إن “صواريخنا كسرت عناد العدو وأجبرته على وقف العدوان على غزة”. في المقابل، شنت إسرائيل غارات على موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، فيما أطلقت الجماعة صاروخًا باليستيًا باتجاه جنوب فلسطين.
خاتمة: الحوثيون كتكتيك إقليمي لا يتوقف
من الواضح أن الحوثيين لا يتحركون بعشوائية، بل ضمن هندسة دقيقة لأدوارهم في الصراع. فهم يصعّدون في اللحظة الحرجة، ثم يسوّقون النصر، ويوظفون ذلك لتعزيز شرعيتهم محليًا، ومكانتهم إقليميًا، ولإبقاء خطوط التماس مشتعلة بما يخدم حسابات طهران أولاً وأخيرًا.
إنها لعبة متقنة بين الصاروخ والخطاب، بين التصعيد والإعلام، تجعل من الحوثيين رقماً صعباً في معادلات الإقليم، وإن لم يكن بالضرورة في الميدان.
سعيد بكران :رشاد العليمي..والمركز القانوني
الموجز- متابعات المركز القانوني للدولة الذي يتحدث عنه رشاد العليمي لم يتأثر ببقاء ومحاولة…






