نفط حضرموت يقتل الحضارم ( الغلاغيل – عبول ) نموذج لكارثة التلوث والإهمال
خاص – الموجز- تقرير من إعداد:
امجد الرامي
الغلاغيل و عبول اسمان لربما اسم لم يسمع بهما أحد … فلم يتم تداولهما إعلاميا إلا مرتين اقترنتا بتفجير أنبوب النفط في غيل بن يمين أبان هبة الحضارم وتداعياتها ، الغلاغيل – عبول لم يكف أنهما ضمن نطاق سحابة الموت النفطية المحيطة بما يسمى حاليا هضبة حضرموت … إذ زادها عن نظيراتهما مثلما ذكرنا تفجيران لأنبوب النفط الأمر الذي أدى إلى مراكمة مأساة التلوث ومضاعفتها لدى أبناء المنطقة بشكل كبير .
الغلاغيل – عبول ..جزاء الإحسان إهمال ونسيان :
التاريخ يعيد نفسه فقد كانت الغلاغيل – عبول منطقة تاريخية مرتبطة بممر للقوافل الآتية من بندر الشحر وكان سكان المنطقة من بيت قرزات الذين ينتسبون إلى الحموم يحمون هذه القوافل من عقبة العرشة إلى حسر حرو … ومثلما صنع الأجداد صنع أبناؤهم فعندما أتت الشركات النفطية قام أهالي المنطقة ..تطوعا .. بحماية معدات هذه الشركات ولاحقاً حماية الأنبوب منذ مرحلة الإنشاء إلى اليوم ، فلم تحدث أي حالة نهب او سلب او ما أشبه لهذه المعدات .

بدء المعاناة و النكران :
كانت معاناة أهالي المنطقة الأولية بداية التسعينات مرتبطة ببدء تنفيذ الشركات أول أعمالها النفطية … حيث ابتدأت بالتالي :
– أعمال الاستكشاف والتفجيرات التي أدت إلى جفاف وتغوير المياه التي كانت المصدر الدائم الوحيد لأبناء المنطقة ( بئر الغلاغيل – عين الغياضات )
– رمال ردم الأنبوب والتي يصفها المواطنون بالمالحة ، وأنها تسببت بضرر كبير للزراعة وللكرفان التي يستقي منها الأهالي و ومواشيهم كمصدر وحيد .
يقول العم سعد سعيد سعد القرزي وهو من الشخصيات الاجتماعية في المنطقة : (( عانينا من الأنبوب … لما مر الأنبوب تم الردم بطين ملح ..هذا الطين تجيبه السيول إلى الكرفان وأصبحت المياه قارة … طالبنا ببير ما قدموا شي ))
كما تحدث العم سعد قائلا (( الزراعة هي عبارة عن قيعان … على الري .. وجات السيول وشلت التربة حقهم إلى هذه القيعان ، وتضررت التربة …… أيضاً بئر الغلاغيل ذي من مئات السنين غار الماء عندما شقوا بالدناميت وجفت البير ، ومنطقة بها عين الغياضات كانت ماء جاري وفي 92 جفت وانتهى النخيل)) .

تفاقم المعاناة ( تفجير أنبوب النفط و طريقة تعامل الجهات المختصة ) :
بتاريخ 28/ 12/ 2013 م كانت المنطقة في موعد مع حدث ستعاني منه إلى الساعة ، حيث تم تفجير أنبوب النفط الرئيسي الممتد من المسيلة إلى الضبة في كيلو( 55 ) ، ثم لحقه تفجير آخر بتاريخ 8/3/2014م في كيلو ( 63 ) .
أدى هذا التخريب إلى تسرب نفطي اقترن بمعاناة كارثية كما يصفها أبناء المنطقة ، حيث يقول الأهالي أنه وبسبب التفجير وانسكاب النفط الخام ، انتشرت رقعة التلوث عبر السيول حتى توسعت إلى أراض بعيدة … الأهالي طوال السنين الماضية طالبوا بإزالة تلك المواد السامة المتراكمة على هذه الأرض ، لكن كل المخاطبات لشركة بترومسيلة ذهبت أدراج الرياح .

خطورة انسكاب النفط الخام وتسربه :
لم يكف الأهالي عن رفع العرائض والشكاوى إلى السلطة المحلية ووزارة النفط والمعادن ، شكاوى تحمل مخاوفهم من تأثير مخلفات انسكاب النفط ومن ثم تراكمات معالجات الانفجاريين على صحتهم ومحاصيلهم ومواشيهم ، إلا أنه لم تحدث أي استجابة ولم تتخذ أي إجراءات تنفيذية للمعالجة او اتخاذ اجراءات تسهم في منع حوادث التلوث المستقبلية .
يقول المهندس الكيميائي عماد بامسدوس إنّ “إسالة النفط الخام على التربة السطحية قبل معالجته، يؤدي إلى تحرير العديد من الغازات التي لها انبعاثات ضارة على البيئة والإنسان والحيوانات وحتى النباتات” ذاكراً أنّ “المياه المرافقة للنفط، تحتوي على نسب عالية من الأملاح المنحلة الحاوية على عناصر مشعة، والتي تترسب على سطح التربة ويؤدَّي التعرض لهذه المواد إلى الإصابة بالسرطان”. (حديث مع “سوث24” الصحفي عبدالله الشاذلي )
و وفقاً لما قاله الدكتور أحمد باخلعة، اختصاصي الجراحة العامة وجراحة الأطفال ، فقد تسبب عدم التزام شركات النفط العاملة في حضرموت بمعايير السلامة العامة، بظهور أمراض سرطانية طالت الأطفال مثل: سرطان الحلق الذي يصيب عادة المدخنين وكبار السن .( المصدر السابق ) .
المهندس الجيولوجي حسن باراس ، رئيس لجنة “خريجي النفط الحضارم”أرجع حدوث المخالفات في الشركات النفطية وتداعياتها البيئة إلى غياب الرقابة وصمت المسؤولين، مشيراً إلى أنّ الشركات “تُمارس ذلك لتجنب الخسائر”.
معالجات شركة بترومسيلة :
يقول العم سعيد مبروك محمد القرزي بحسرة وهو يقف فوق كومة نفايات من مخلفات إصلاحات الأنبوب الذي تم تفجيره سابقاً وبالقرب من أحدى كرفان الماء ( شوفو هذا .. سد عيونكم من 2013م والى الآن ، هذه السموم من انفجار البيب ، هناك عدة أكوام أمامكم وبجانب الكريف الذي يشرب منه الإنسان والحيوان ، ولم يقم احد بإزالتها ) .
صرخات ومناشدات العم محمد ومعه أهالي المنطقة يبدو أنه لم تجد مستمعا ً لهما … فثمة سيل من المناشدات والمخاطبات لشركة بترومسيلة تمت عبر السلطة المحلية ، كلها لم تلق استجابة من الشركة ، رغم أنها جرت عبر قيادات السلطة المحلية بالمحافظة منذ تحرير المكلا إلى اليوم ، كما خوطب كذلك وزير النفط الحضرمي ولا استجابة .
يقول الأهالي وبعضهم تحفظ عن ذكر اسمه ، أنهم لاحظوا أن العمل لا يرقى إلى مستوى المتوقع فقد غيبت إجراءات السلامة ، رغم المخاطر الشديدة التي تصاحب النفط المتسرب ، وكان الأهالي في أواخر 2013 عندما وقع الانفجار الأول قد استبشروا خيراً بنزول مقاول للمعالجة ، ثم وقع الانفجار الثاني ثم عودة المقاول للمعالجة مرة أخرى … ولكن يقول الأهالي وبحسب الواقع المشاهد أن المواد المتخلفة لا زالت موجودة في باطن الاودية ، وأن العمال جمعوا جزاء بسيطا من المواد وركموها كتلال صغيرة ، وصنعوا حولها حواجز ضعيفة وقليلة …وعندما جاءت الأمطار تسربت هذه التراكمات إلى التربة ومواطن المياه ، المقالون عندما غادروا في المرة الثانية أخبروا الأهالي أنه ستتم مقاولة جديدة لنقل المواد موضوع الشكوى والتلوث إلى مواقع معالجة مختصة في بترومسيلة … وإلى اليوم لم يأت أحد للتعامل مع هذه المخلفات .
…… يقول أحدهم ( لقد أصلحوا أنبوبهم .. وتركونا ) .

اتهامات الأهالي لشركة بترومسيلة ومطالباتهم :
إن استغلال الجهل وبساطة المجتمعات المحلية وفساد أنظمة الحكم وجشع بعض الأبناء العاقين وزد إن شئت تخفيفا لوطأة الاتهام الإهمال الحكومي لا ينفي ان ما حدث جريمة بشعة كما يصفها الأهالي جريمة بحق البيئة ….شجرا ومدرا وطينا وماء قبل أن تكون بحق إنسان المنطقة والتي وصلت للعبث بالشفرة الوراثية والتي لم يسلم منها الحيوان كذلك .
يتهم أبناء المنطقة في شكاويهم إدارة شركة بترومسيلة صراحة بالاستهتار بحياة الإنسان ، وأنها لا تعبأ بقوانين السلامة المعمول بها في كافة الشركات عند التعامل مع كوارث كالكارثة التي مرت بها منطقتهم .
يشير أبناء المنطقة في شكاويهم إلى الجهات الرسمية إلى شركة بترومسيلة بالاتهام المباشر بـ
– انتشار السرطانات
– أمراض الفشل الكلوي
– أمراض الكبد والرئة
– تشوهات خلقية لدى المواليد وفقدان البعض الآخر.
– موت المواشي وتشوه مواليدها .
كل هذه الكوارث لم يعرفها أبناء المنطقة ، وارتبط تفشيها بعد دخول المنطقة مجال الاستثمار النفطي .
و بالرغم من أنه لا توجد دراسات ميدانية مباشرة ومتخصصة يمكن بواسطتها تحديد مدى ارتفاع نسب المصابين ببعض الأمراض ، ومدى ارتباطها بالتلوث الناجم عن أنشطة إنتاج النفط والاستكشاف ، إلا أن تفشي هذه الأمراض مع بدء النشاط النفطي في المنطقة أمر يثير القلق والريبة


مطالبات الأهالي :
لقد استطاع الميسورون من أبناء المنطقة النجاة بأبنائهم وأنفسهم ومن قدروا على إعانتهم بالهجرة الداخلية ….. إما الى الساحل الحضرمي أو الى الوادي ، بينما فرض على من بقي منهم وهم الأكثرية أن يتعاملوا ويتعايشوا مع واقعهم بأي طريقة .
من خلال لقاءاتنا ومن مراجعة عرائض الشكاوى يمكن إجمال مطالبات أبناء المنطقة في التالي :
– تحمل شركة بترومسيلة كامل هذه المخاطر التي ظهرت والتي يتوقع ظهورها لاحقا على المدى البعيد .
– معالجة المرضى ممن اقترنت اسباب أمراضهم بالتلوث .
– معالجة البيئة المحلية من قبل فرق متخصصة وإشراف محايد .

خاتمة :
في كل الدول المتخلفة التي بليت بلعنة النفط عندما تفتل قبلياً برصاصة عليك أن تدرك أنك لن تعيش بعده طويلا إذ سيدركك ثأرهم ، لكن أن تكون شركة نفطية في بلد نام فبإمكانك أن تبيد مئات القبليين وتدمر حياتهم وتنجو بجلدك بل وتكرم كداعم للاقتصاد الوطني فلا ضير من بعض الخسائر الجانبية ، فهل شيء من هذا يحدث عندنا .
هذا استطلاع غير مدفوع الأجر ومتاح للنشر ، كل الجهد فيه هو لهذا الوطن ولإنسان هذه المنطقة الذي حمل لعنة النفط السياسية والصحية والبيئية .
تقرير من إعداد
امجد الرامي

سيؤون: رئيس مؤسسة حق لحقوق الإنسان والتأهيل يفند مزاعم النهب والسلب والتمييز على الهويه والاخفاء والتعذيب
الموجز- خاص – سيؤون أكد الاستاذ صبري مسعود رئيس مؤسسة حق لحقوق الإنسان والتأهيل في ت…






