حضرموت وصراع الديزل .. أزمة تتجلى في قلب هندسة القبيلة وتهميش المواطن
الموجز- بقلم أ ماهر باوزير
في حضرموت، حيث تُصنع الأساطير وتُهندس المشاهد السياسية بعناية، لا تأتي أزمة الديزل كمشكلة عابرة، بل كجزء من لعبة أكبر، تنسج فيها “هندسة القبيلة” خيوطها، ليُهمل المواطن وتُسرق حقوقه الأساسية .
لقد تناولنا في سلسلة مقالاتنا السابقة كيف تُدار القبائل وتُصنع القادة الوهميون، وكيف يُحاك المشهد السياسي في غرف مغلقة بعيدًا عن هموم الناس الحقيقية، واليوم، تظهر أزمة الديزل كأحد تجليات هذه الهندسة السياسية التي تسيطر على الحياة اليومية للحضارم .
الديزل الذي يُفترض أن يكون شريان حياة للمواطنين، يتحول إلى ورقة ضغط في يد فاعلين سياسيين واقتصاديين، يختصرون مصالحهم الضيقة على حساب معاناة ملايين الأسر التي باتت تعيش ظلام انقطاع الكهرباء وقسوة ارتفاع التكاليف، هذا الملف الذي يعكس هشاشة الإدارة، هو صورة مصغرة لما تعانيه حضرموت من تهميش سياسي واجتماعي، حيث يُغيب صوت المواطن تحت ستار “القيادة المصنوعة” و”الصراعات القبلية” التي لا تخدم سوى مصالح نخبة صغيرة .
لا يمكن فصل أزمة الديزل عن التداخلات الإقليمية والدولية التي تستثمر الأزمات المحلية لتخدم أجندات سياسية واقتصادية أكبر، فحضور هذه القوى في المشهد الحضرمي يعمّق الأزمة ويزيد من تعقيدها، بينما يبقى المواطن العادي الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، نقص الخدمات الحيوية مثل الديزل لا يفاقم فقط معاناة السكان الاقتصادية، بل يهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي، إذ تصبح التوترات مفتوحة على احتمالات انفجار أوسع نتيجة الغضب الشعبي المتصاعد .
إن هذه الأزمة ليست مجرد قصور في توزيع الوقود، بل انعكاس لضعف السيادة المحلية في حضرموت، حيث تحكم مصالح خارجية ونخب محلية غير كفؤة توجيه الموارد بعيدًا عن مصلحة المواطن، هذا الضعف يجعل المنطقة رهينة لمشاريع لا تخدم إلا من يديرون اللعبة من خلف الستار .
لذا، فإن استعادة حضرموت لصوتها الأصيل لا تبدأ فقط بإدانة الأزمة، بل عبر خطوات عملية وحقيقية، منها تشكيل لجان مستقلة وشفافة لمراقبة توزيع الوقود، تعزيز مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار، والضغط من أجل محاسبة المسؤولين عن إدارة الأزمات، القيادة الحقيقية هي التي تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، وتعيد بناء مؤسسات حضرموت على أسس النزاهة والكفاءة .
إن صراع الديزل في حضرموت هو درس صارخ في كيفية إدارة الأزمات ضمن هندسة القبيلة وتهميش المواطن، وهو اختبار حقيقي لقدرة حضرموت على التحرر من قيود التزييف السياسي والاجتماعي، واستعادة مكانتها كمنارة للهوية والحكم الرشيد .
باعوم .. عودة الرمز لا الحدث ::
الموجز – خاص – أ ماهر باوزير نشرنا قبل أكثر من أسبوعين خبراً حول العودة القريب…



