‫الرئيسية‬ مقالات موارد حضرموت وشبوة .. بين واقع الصراع وفرص الاستقلال الاقتصادي ::
مقالات - يناير 19, 2025

موارد حضرموت وشبوة .. بين واقع الصراع وفرص الاستقلال الاقتصادي ::

ماهر باوزير

حضرموت وشبوة، بموقعهما الاستراتيجي وثرواتهما الهائلة من نفط وغاز ومعادن ومصائد بحرية، تمثلان عمقًا اقتصاديًا لا غنى عنه لليمن، ورغم ذلك، فإن سكانهما يرزحون تحت وطأة الحرمان من ثروات يفترض أن تكون حقًا مشروعًا لهم، فعلى مدى عقود، تعرضت موارد المحافظتين لسياسات مركزية أفرغت التنمية من معناها، مما جعلهما مجرد مناطق تصدير للعائدات دون أي انعكاس فعلي على حياة السكان أو البنية التحتية المحلية .

اليوم، ورغم التحولات السياسية التي شهدتها البلاد، لا تزال حضرموت وشبوة تواجهان تعقيدات جمّة في استعادة السيطرة على مواردهما، فهذه الموارد أصبحت محور صراع بين الأطراف المحلية والإقليمية، حيث تتقاطع المصالح مع الأجندات السياسية التي تعطل أي جهود لتحقيق إدارة مستقلة وشفافة تضع المصلحة المحلية أولًا، وبينما تلوح بوادر استعادة القرار المحلي، فإن هذه الجهود تصطدم بمعوقات عدة، أبرزها التدخلات الخارجية المتمثلة في التحالف العربي والمصالح الدولية، إلى جانب الانقسامات الداخلية وضعف الإدارة المحلية .

إن الشرعية اليمنية، التي تستمد وجودها من دعم التحالف، تبدو عاجزة عن تمكين المحافظتين من السيطرة الكاملة على مواردهما، في ظل استمرار الهيمنة المركزية واعتمادها على التوازنات السياسية والإقليمية، أما التحالف العربي، الذي يرى في حضرموت وشبوة مناطق ذات أهمية استراتيجية، فهو يوازن بين مصالحه الأمنية والاقتصادية وبين منح المحافظتين قدرًا محدودًا من الاستقلالية، وبالنظر إلى الدور الإقليمي للإمارات والسعودية، فإن هذه التوازنات غالبًا ما تعيق أي محاولات جادة لتحقيق إدارة محلية مستدامة للموارد .

على الصعيد الدولي، تضاعف تعقيدات المصالح الأجنبية في قطاعي الطاقة والملاحة من صعوبة المشهد، فحضرموت وشبوة ليستا بمعزل عن أعين القوى الكبرى التي تسعى إلى تأمين تدفق الموارد بما يخدم استراتيجياتها بعيدة المدى، لذا، فإن أي محاولة محلية لإعادة هيكلة إدارة الموارد تحتاج إلى إطار يعترف بالمصالح الدولية دون التفريط بحقوق السكان المحليين .

في ظل هذا الواقع، تكمن الفرصة في تبني رؤية شاملة تستند إلى الشفافية والشراكة مع المجتمع المحلي، هذه الرؤية يجب أن تنطلق من بناء جبهة محلية موحدة تتجاوز الانقسامات الضيقة، وتعمل على تقديم نموذج إداري يقوم على الاستدامة والمساءلة، التواصل مع التحالف العربي والمجتمع الدولي بلغة المصالح المشتركة قد يسهم في تهدئة المخاوف ويخلق فرصًا لدعم الجهود التنموية .

موارد حضرموت وشبوة هي شريان حياة يمكن أن يغير مستقبل المحافظتين إذا ما أُحسن إدارتها بعيدًا عن الأجندات الضيقة، التحدي الحقيقي يكمن في قدرة أبناء المحافظتين على بناء نموذج يعكس تطلعاتهم، ويحافظ على مصالح الجميع، ويرسي دعائم تنمية حقيقية تُنهي سنوات الحرمان والتهميش، إذا نجحوا في ذلك، فسيقدمون ليس فقط حلاً محليًا، بل رؤية جديدة لإدارة الموارد في اليمن، تتجاوز الماضي وتؤسس لمستقبل أكثر عدالة وازدهارًا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حضرموت الجنوب لا تيأسي

أ. سعيد أحمد بن اسحاق لا للفتنة ولا للتجزئة ولا للعصبية المقيتة ولا من ينادي بها..الوطن لل…