إرهاصات العاصفة في حضرموت ..
أ.ماهر باوزير
حضرموت تقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتسارع فيها إرهاصات العاصفة بشكل غير مسبوق، وتتصاعد النزعة القبلية بشكل يثير القلق ويهدد النسيج الاجتماعي، اجتماع العيون الأخير لم يكن مجرد لقاء عابر، بل كشف عن حجم التوترات التي تعصف بالمشهد الحضرمي، وأماط اللثام عن أيادٍ خفية تحرك خيوط اللعبة بعناية لتأجيج الخلافات وتحقيق مكاسب آنية، ضاربةً بمصلحة حضرموت عرض الحائط .
ما جرى في ذلك الاجتماع كان بمثابة تكريس للولاءات القبلية بشكل صارخ، حيث تحولت بعض المكونات القبلية إلى أدوات ضغط سياسي تُستخدم لإعادة تشكيل الخارطة وفق مصالح أطراف خارجية وداخلية، تسعى إلى تعزيز نفوذها بأي ثمن، هذه التحركات لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تراكمات طويلة وصراعات خفية بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً، مدفوعة بأجندات مشبوهة ومصالح شخصية لا تعير اهتماماً لتطلعات أبناء حضرموت في الأمن والاستقرار .
إن ما يثير القلق هو أن هناك جهات خارجية وداخلية تعمل على استثمار الانقسامات القبلية وتغذيتها، لتحقيق أهداف ضيقة لا تخدم إلا مشاريعها الخاصة، عبر دفع القبائل إلى صدامات مفتعلة واستغلال الخلافات لتصبح معركة كسر عظم بين المكونات الاجتماعية، ولم يعد الحديث يدور حول وحدة الصف الحضرمي بقدر ما يتمحور حول كيفية استغلال هذا الانقسام لتحقيق مكاسب سياسية تخدم أطرافاً محددة .
ما يزيد الطين بلة هو التحشيد الإعلامي الممنهج الذي يرافق هذه النزعات، حيث تسهم بعض المنصات الإعلامية في تأجيج المشاعر وزرع الشكوك بين القبائل، في محاولة واضحة لتعميق الانقسام وإضعاف الموقف الحضرمي الموحد، هذه الحملات الإعلامية لا تسعى إلا لتعزيز حالة التشظي وإغراق المجتمع في دوامة من الشك والريبة .
وفي ظل هذا المشهد المرتبك، تبرز أزمة غياب الرؤية الموحدة لدى القيادات المحلية، حيث تتصارع المشاريع المختلفة دون وجود مشروع جامع يمثل مصلحة حضرموت بكل مكوناتها، هذا الفراغ القيادي يتيح المجال أمام التدخلات الخارجية لتغذية النزاعات ودفعها نحو مزيد من الاحتقان، مستغلةً ضعف التنسيق بين القيادات وتشظي القرار السياسي، إن غياب الحكمة في التعامل مع هذه التحديات قد يدفع بالمحافظة نحو أتون صراع لا يمكن السيطرة عليه، مما يهدد بضياع ما تبقى من تماسك اجتماعي ويجعل حضرموت في مهب الريح .
لقد كانت حضرموت عبر تاريخها نموذجاً للتعايش والتكافل بين القبائل، ولم تكن النزعات القبلية هي السمة الغالبة على مجتمعها، لكن التدخلات الخارجية والتوظيف السياسي للمكونات القبلية دفع الأمور نحو منعطف خطير، ومع ذلك، يبقى الأمل معقوداً على عقلاء حضرموت وحكمائها، الذين يدركون أن المصلحة العامة يجب أن تعلو فوق الحسابات الضيقة والأجندات المشبوهة .
إن الشباب الحضرمي يقع على عاتقه دور محوري في هذه المرحلة الحرجة، إذ ينبغي أن يرفض أن يكون وقوداً لصراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، الوعي بخطورة المرحلة هو الخطوة الأولى نحو معالجة الأزمة، ويجب على جميع الأطراف تجاوز خلافاتها والعمل على تعزيز وحدة الصف، قبل أن تضيع حضرموت في زحام الصراعات وتغرق في دوامة النزاعات التي لا تُبقي ولا تذر .
حضرموت اليوم أمام تحدٍ كبير؛ فإما أن تنتصر الحكمة على الفتنة، ويتجاوز العقلاء خلافاتهم من أجل حماية النسيج الاجتماعي، أو أن تُترك المحافظة لمصير مجهول تديره الصراعات وتتحكم فيه المصالح الضيقة، لا شك أن الوعي بحجم الخطر وتكاتف الجهود هما السبيل الوحيد لتفويت الفرصة على المتربصين وضمان بقاء حضرموت قوية وآمنة .
المهرة:المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى يستنكر نشر بيان مزور باسمه
الموجز-متابعات أصدر المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وأرخبيل سقطرى، بيان توضيحي، عبر فيه…